نام کتاب : تفسير البيضاوي = أنوار التنزيل وأسرار التأويل نویسنده : البيضاوي، ناصر الدين جلد : 2 صفحه : 181
يفارقها بحال. كَذلِكَ كما زين للمؤمنين إيمانهم. زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ والآية نزلت في حمزة وأبي جهل وقيل في عمر أو عمار وأبي جهل.
[سورة الأنعام (6) : آية 123]
وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (123)
وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها أي كما جعلنا في مكة أكابر مجرميها ليمكروا فيها جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها، وجَعَلْنا بمعنى صيرنا ومفعولاه أَكابِرَ مُجْرِمِيها على تقديم المفعول الثاني، أو في كل قرية أَكابِرَ ومُجْرِمِيها بدل ويجوز أن يكون مضافاً إليه إن فسر الجعل بالتمكين، وأفعل التفضيل إذا أضيف جاز فيه الإفراد والمطابقة ولذلك قرئ «أكبر مجرميها» ، وتخصيص الأكابر لأنهم أقوى على استتباع الناس والمكر بهم. وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ لأن وباله يحيق بهم. وَما يَشْعُرُونَ ذلك.
[سورة الأنعام (6) : آية 124]
وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (124)
وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ يعني كفار قريش لما
روي: أن أبا جهل قال زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يوحي إليه، والله لا نرضى به إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه، فنزلت
: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ استئناف للرد عليهم بأن النبوة ليست بالنسب والمال وإنما هي بفضائل نفسانية يخص الله سبحانه وتعالى بها من يشاء من عباده فيجتبي لرسالاته من علم أنه يصلح لها، وهو أعلم بالمكان الذي يضعها فيه. وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ ذل وحقارة بعد كبرهم. عِنْدَ اللَّهِ يوم القيامة وقيل تقديره من عند الله. وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ بسبب مكرهم أو جزاء على مكرهم.
[سورة الأنعام (6) : آية 125]
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (125)
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يعرفه طريق الحق ويوفقه للإيمان. يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فيتسع له ويفسح فيه مجاله، وهو كناية عن جعل النفس قابلة للحق مهيأة لحلوله فيها مصفاة عما يمنعه وينافيه، وإليه أشار عليه أفضل الصلاة والسلام حين سئل عنه
فقال «نور يقذفه الله سبحانه وتعالى في قلب المؤمن فينشرح له وينفسح»
فقالوا: هل لذلك من أمارة يعرف بها فقال: نعم الإِنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله» . وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً بحيث ينبو عن قبول الحق فلا يدخله الإِيمان. وقرأ ابن كثير ضَيِّقاً بالتخفيف ونافع وأبو بكر عن عاصم حَرَجاً بالكسر أي شديد الضيق، والباقون بالفتح وصفاً بالمصدر. كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ شبهه مبالغة في ضيق صدره بمن يزاول ما لا يقدر عليه، فإن صعود السماء مثل فيما يبعد عن الاستطاعة، ونبه به على أن الإِيمان يمتنع منه كما يمتنع الصعود.
وقيل معناه كأنما يتصاعد إلى السماء نبواً عن الحق وتباعداً في الهرب منه، وأصل يصعد يتصعد وقد قرئ به وقرأ ابن كثير يَصَّعَّدُ وأبو بكر عن عاصم يصاعد بمعنى يتصاعد. كَذلِكَ أي كما يضيق صدره ويبعد قلبه عن الحق. يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ يجعل العذاب أو الخذلان عليهم، فوضع الظاهر موضع المضمر للتعليل.